الكذب لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية

المؤلفون

  • جبار فريح شريدة جامعة بغداد / مركز الدراسات التربوية والأبحاث النفسية

الكلمات المفتاحية:

الكذب , تلاميذ المرحلة الابتدائية

الملخص

تعد الطفولة من المراحل المهمة في حياة الفرد باعتبارها الأساس الذي يبنى عليه شخصيته من خلال ما يتلقاه من رعاية وأعداد وتدريب في طفولته   ( الذويبي،1988, ص31) فعلى ضوء ما يتلقى الفرد من خبرات في مرحلة الطفولة يتحدد إطار شخصيته فإذا كانت الخبرات مواتية وسوية وسارة يشب رجلاً سوياً متكيفاً مع نفسه ومع المجتمع الذي يحيط به  وإن كانت خبرات مؤلمة مريرة ترك ذلك آثاراً في شخصيته . إن خبرات الطفولة تحفر جذورها عميقة في شخصية الفرد لأنه ما زال كائناً قابلاً للتشكيل والصقل , وعلى ذلك ينبغي الاهتمام بهذه المرحلة (العيسوي,1993, ص162) والاهتمام بها يعد مؤشراً من المؤشرات الحضارية في خلق مواطن صالح ، قادراً على العطاء وتحمل أعباء الحياة ، ويساهم في بناء مجتمع متقدم  وبإمكانه التوصل إلى شخصية متكاملة  في نموها قادرة على القيام بدورها خير قيام طوال حياته التي يعيشها ( هرمز،1988, ص77) وما دراسة مراحل النمو والتطور في حياة الطفل إلا دليل واضح يساعد على الاهتمام بالطفولة وان معرفة خصائص كل مرحلة من  مراحل الحياة الطفل ومتطلباته تساعد على فهم المظاهر التي يؤمل ظهورها في الأوقات المختلفة فتتخذ الإجراءات الضرورية لترقيتها وتعهدها عند ظهورها وضمان  سيرها في طريقها الطبيعي ( الالوسي،1982, ص78) ودراسة الطفل تساعد المربين على انتهاج السبل السليمة التي تؤمن للطفل تربية فضلى وتهيئ له أسباب السعادة والرفاه والتقدم في المجتمع وذلك عن طريق مراعاة الأسس الصحيحة في تعليمه التعلم الناجح الذي يستند على الاهتمام بقابليات الطفل فالطفل سريع التأثر بما يحيط به الأمر الذي يجعلها تترك أثرها عليه طوال حياته ، وبهذا فأن لرعايته في هذه المرحلة أهمية كبيرة ( جابر،1977- ص14)

 وهناك أجماعاً بين معظم علماء النفس والاجتماع والمربين على ضرورة تزويد الأطفال بالخبرات المناسبة لهم ، مؤكدين عن طريق الدراسات والبحوث بأن التعلم عملية مستمرة وتراكمية وإذا ما أريد  لها أن تكون ذات فاعلية كبيرة في أية مرحلة من المراحل  يجب أن يؤخذ بالحسبان الخبرات التي يحصل عليها المتعلم في مرحلة سابقة حتى نحصل على التوقعات للخطوات المستقبلية لهذا العملية في ضوء متطلبات المجتمع الذي يعيش فيه المتعلم استناداً إلى استعداده ( العيساوي،1996, ص31).

وبهذا ظهرت دراسات تربوية وأبحاث نفسية كثيرة في ميدان الطفولة وقد ساهم فيها كثير من علماء الطب وأساتذة التربية وعلم النفس فتوصلوا كل حسب اختصاصه إلى نتائج علمية قيمة ساعدت على تفهم خصائص مرحلة الطفولة بأبعادها المختلفة وإدراك حاجاتها الأساسية وأهميتها في حياة الفرد بوصفها من المراحل المهمة في حياة الإنسان ( مروان،1970,ص45)

   وتقوم الأسرة بدورٍ مهم في المراحل الأولى من حياة الطفل حيث أكد علماء النفس من أن النمو في المراحل المبكرة يعد بمثابة الأساس الذي يقوم عليه النمو في المراحل الأخرى لاسيما فيما يتعلق بإكساب الطفل الميل نحو القراءة والاطلاع وتكوين الاتجاهات العقلية السليمة إزاء التثقيف العام في هذه المراحل المبكرة من حياته ويبدأ الطفل تكيفه في نطاق أسرته التي يعيش فيها عن طريق احتكاكه وعلاقته الاجتماعية مع من يحيطون به من الكبار بتقمص طريقهم في التفكير ، كما يكتسب أسلوبهم في التعبير عما ينتابه من مشاعر ورغبات وتقوم الأسرة في هذا الفترة المبكرة من حياة الطفل بما يسمى بعملية التشكيل الاجتماعي له طبقاً لثقافة مجتمعه وطريقة الحياة السائدة بين أفراده (  غباري،1989 , ص177-178)

  وباعتبار المدرسة  هي المكان الذي يقضي فيه التلميذ جل وقته خارج البيت ويتعرض لقوانين ونظم (انضباطية) خلال فترة تواجده فيها ويتاح له فيها ظروف خاصة من التفاعل الاجتماعي بغيره ، وبهذا فأن المدرسة تلعب دوراً كبيراً ومهماً في تكوين شخصية الطفل من جميع النواحي ، باعتبار المؤسسة المسئولة بعد البيت في رعاية وتنمية سلوك التلاميذ من خلال تحقيق التلاؤم الجيد للتلاميذ مع ظروفها البيئية وتكوين اتجاهات مرضية نحو كافة هذه الظروف ، وإتاحة الفرصة للتلاميذ للتفاعل مع هذه الظروف والنظم ، وتوفير المجال له للمبادرة بالمحافظة أو تحسين أو تطوير علاقاته بجوانب هذه البيئة المدرسية ( الشرقاوي،1983 ص316)

  وتوجد مشكلات واضطرابات كثيرة تحدث في مرحلة الطفولة ، منها مشكلات تتعلق باضطراب السلوك كالإفراط الحركي ، والعدوان ، وتشتت الانتباه ، والتخريب ، والجنوح ، والكذب ( إبراهيم،1983, ص63)

وتتحمل المدرسة مسؤولية كبيرة في مشكلة الكذب ، فأوامر المدرس التي قد تزيد على إمكانيات وقدرات التلميذ ، قد تدفعه إلى الكذب حتى يعفى نفسه من الواجبات ومن العقاب فالمدرس لا يقتصر همه على تزويد التلميذ بالمعارف , والمعلومات فقط , بل يعد نفسه مسئولاً كل المسؤولية على أن يتحقق لتلميذه القدرة على حسن التوافق الاجتماعي والانفعالي, فضلاً عن عنايته بالتحصيل العلمي من خلال ما ينقل منه إلى التلميذ عن طريق التقليد , والمحاكاة في أساليب السلوك المختلفة ( الطبيب، 1988, ص170)

والبحث الحالي يدرس مشكلة الكذب لدى الأطفال والتي ترهق الآباء وتجعلهم دائمي الشكوى من كذب أبنائهم ، وهم لا يعلمون أن الكذب في الطفولة من الأمور العادية حيث يتصف الطفل في هذه المرحلة بسعة الخيال التي تجعله يميل إلى تمثيل  موضوعات ليس لها أساس من الصحة وهذا هو الكذب الخيالي الذي يسود مرحلة الطفولة المبكرة وهذا النوع من الكذب ليس له خطورة في سلوك الطفل ، وغالباً ما يزول هذا الكذب بمجرد توجيه الطفل وتوضيح الأمور له وخاصة أن العوامل الكائنة وراء هذا مرتبطة بمستوى معين من النمو العقلاني والإدراكي وتنتهي بوصول الطفل إلى مستوى أعلى من النمو (  غباري،1989, ص95).

 والواقع أن الكذب أسهل الذنوب اقترافا وأولها حضوراً إلى ذهن الطفل ، والكذب كما نعلم يساعد على تغطية كثير من العيوب والذنوب ، من هذا نشعر أن الطفل الذي يعترف بذنبه يمكن أصلاحه وأما من يصر على الإنكار فلا يجوز أن نبدأ باستجوابه لان هذا نتيجته الاسترسال في الكذب والتفنن فيه ومما يجب على الآباء والمدرسين . أن الطفل لا يسر بما عنده من أسرار إلا  لأصدقائه ومحبيه ( فالوتي،1987-ص351)

 وقد أشارت العديد من الدراسات والبحوث العلمية إلى وجود علاقة بين الكذب ومتغيرات الشخصية ، ففي دراسة أجريت في مدينتي لندن وليدز في انكلترا أظهرت النتائج أن الصغار أكثر كذباً من الكبار ، وفسرت هذه النتيجة بأن الصغار هم أكثر ميلاً للافتخار والتباهي ، وكذلك أظهرت الدراسة أن البنات أعلى من البنين في الكذب .

في حين أشارت دراسة العيسوي على أطفال من المجتمع المصري والتي أفادت بأن الاتجاه العام هو الزيادة في درجات الكذب كلما تقدم الطفل الذكر في السن وقد أرجع سبب ذلك إلى نمو المسؤولية وشعور الطفل بالحياء من الاعتراف بما يرتكب من الأخطاء في حين تقل درجات الكذب كلما تقدمت الفتاة بالسن والسبب في ذلك قد يرجع إلى أثر عوامل التربية الأسرية والمدرسية ، ورغبة الفتاة بالظهور بمظهر الصدق  ( العيسوي،1993,ص346-350)

   في حين أظهرت الدراسة التي أجريت على أطفال في لبنان أن لا فرق ذات دلالة بين الجنسين ( ذكور – إناث) في الكذب ، وهذا يعكس الاتجاهات الاجتماعية ، أي أن الفتاة في المجتمع اللبناني تتمتع بمعاملة تشابه المعاملة التي يتلقاها الفتى    ( العيسوي،1993, ص331)

   وتقوم أهمية البحث الحالي على اعتبار أن الكذب مشكلة نفسية ، تربوية ، اجتماعية ، يجب الانتباه إليها لدى الأطفال قبل أن تكبر و تؤدي إلى مشكلات نفسية خطيرة كأن يصبح الكذب مرضاً و لا يمكن التخلص منه ، أو قد يؤدي إلى مشكلة اجتماعية أخرى مثل السرقة فأردنا من خلال هذا البحث دراسة الكذب لدى الأطفال في مرحلة التعليم الابتدائي باعتبارها المرحلة الأساس لبقية المراحل التعليمية القادمة  فدراسة المشكلات التي تخص التلاميذ في هذه المرحلة قد يساعد المربين إتباع طرائق علاجية معينة حتى لا يستمر مع هؤلاء التلاميذ لمراحلهم  الأخرى .

التنزيلات

منشور

2009-04-01

إصدار

القسم

المقالات